مع حلول الرابع والعشرين من ديسمبر تتجدد ذكريات استقلال ليبيا، وتتجدد معها ذكريات الجهود العظيمة التي بذلها الآباء والأجداد حتى تمكنوا بجهادهم وصبرهم وتضحياتهم من الظفر بالاستقلال وبناء دولة ليبيا. تتجدد ذكريات معارك الجهاد التي بذل فيها آباؤنا وأجدادنا الغالي والرخيص، وتتجدد ذكريات جهود الليبيين في مختلف ديار هجرتهم لإبقاء قضية التحرر والاستقلال متوهجة وحية، وتتجدد ذكريات تضحيات رجال الجيش السنوسي ومشاركتهم في تحرير التراب الوطني، وتتجدد ذكريات كفاح الليبيين السياسي وجهودهم على كافة الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية وفي مختلف المحافل والمنظمات إلى أن تكللت بانتزاع الاستقلال من بين مخالب الأطماع الدولية.
ومع حلول الرابع والعشرين من ديسمبر تتجدد أيضا ذكريات التحديات التي واجهها بناة الدولة الليبية، والمعارك التي خاضوها لتحقيق الوحدة الوطنية، والإنجازات التي حققوها بإرساء دعائم الدستور، وبناء مؤسسات الدولة، وإحداث طفرات رائدة للنهوض بالشعب الليبي خاصة في مجالات التعليم والصحة والخدمات الأساسية، ووضع لبنات معالم نهضة شاملة تبدت بواكيرثمارها مع بشريات تدفق الثروة النفطية.
تتجدد ذكريات العطاءات غير المحدودة لجيل البناة وحرصهم على المحافظة على المواطن، وتنمية القدرات، وصون الثروات والإمكانات، وإتاحة الفرص المتكافئة أمام أبناء الوطن.
في ذكرى الاستقلال نقف وقفة تذكر واعتبار ، نتذكر بكل إكبار جهاد وتضحيات الآباء والأجداد، نحيي الأحياء منهم تحية عرفان ووفاء ونسأل الله جل وعلا أن يجزيهم عنا خير الجزاء ، ونترحم على من غادرنا إلى دار البقاء ونستمطر عليهم شآبيب رحمات الله ورضوانه. وعلى وجه الخصوص، نستذكر بكل العرفان والوفاء والإكبار جهود باني دولة ليبيا الملك الصالح محمد إدريس المهدي السنوسي، وما عرف عنه من حدب على شعبه وحرص على بلاده ونزاهة بلغت درجة الزهد النادر، ونرفع أكف الضراعة إلى المولى جلت قدرته أن يتغمده برحماته وأن يجزل له العطاء والثواب.
وهي مناسبة لنتذكر أيضا كيف ضاع الحلم بعد أن أصبح واقعا، وكيف ضاع الاستقلال بعد أن تحقق، وكيف تهاوت الإنجازات التي شيدت، وكيف سُرقت بلادنا في غفلة من أبنائها وخيانة من بعض المحسوبين عليها وتآمر من أطراف إقليمية ودولية.
اليوم يتراءى أمامنا –بكل وضوح- ما يعانيه شعبنا من قهر وقمع، وما تعانيه بلادنا من تخلف ودمار، وما يكابده المواطن من تجهيل وإذلال وإفقار، وما يرتكبه عناصر الحكم الهمجي من طغيان وإفساد ونهب مستمر للثروة الوطنية وإهدارها على الأهواء والنزعات الخبيثة؛ على أيديهم ضاع الاستقلال وغدت بلادنا تتهددها الأخطار، وتتوالى عليها النكبات والكوارث، وتحولت إلى مرتع للفساد، وأصبح المواطن غريبا في أرضه، محروما من خيرات بلاده وهو يراها نهبا للطامعين والسماسرة.
وفي يوم الاستقلال نستذكر ونحيي بكل إكبارنضال شعبنا الليبي ضد الحكم الهمجي، والتضحيات التي بذلها أبناء وبنات ليبيا في مغالبتهم لهذا الحكم، نتذكر الفعاليات التي بذلتها الحركة الطلابية، والمحاولات المتعددة التي قام بها ضباطنا وجنودنا، والعمليات النضالية التي نفذتها تنظيمات المعارضة الليبية، نتذكر السجون وقد غصت –وما تزال- بالأحرار، نتذكر التعذيب في السجون والإعدامات العلنية على أعود المشانق وبالرصاص في داخل المعسكرات، ونتذكر الاغتيالات التي نفذتها عصابات الحكم في مختلف دول العالم، والرصاص الغادر وهو يحصد -في سجن بوسليم- أرواح 1200 من خيرة شبابنا الأبرياء، نتذكر الآلاف من ضباطنا وجنودنا الذين قتلوا في أدغال أوغندا وصحراء تشاد، ونتذكر الكارثة المأساوية التي ألحقها هذا النظام بأكثر من أربعمائة طفل في مستشفى الأطفال في بنغازي، ونتذكر ضحايا الطائرة الليبية الرحلة 1103 التي أسقطت فوق سيدي السايح. نتذكر ذلك كله –وهو قليل من كثير- كدليل حي وملموس على الطبيعة الإجرامية التي قام عليها هذا الحكم الهمجي، وما يكنه من حقد تجاه الشعب الليبي، فتزداد قناعاتنا بأنه نبتة شيطانية لا تمت لأرضنا ولشعبنا بأية صلة؛ نبتة شيطانية ينبغي أن تتظافر الجهود لاجتثاثها.
وفي ذكرى الاستقلال فإن الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا تتوجه بالنداء الحار إلى كافة أبناء وبنات الشعب الليبي وإلى جميع قواه الوطنية الخيرة الحرة من عسكريين ومدنيين، كي تستلهم المعاني العظيمة التي تحيط بالاستقلال المجيد، وتستشعر مسؤوليتها الوطنية والتاريخية، وأن تتظافر جهودها من أجل استعادة الاستقلال بإنقاذ بلادنا من هذا الحكم الهمجي العفن. إننا جميعا عسكريين ومدنيين مطالبون بأن نجدد جهاد ونضالات آبائنا وأجدادنا حتى تستعيد بلادنا استقلالها، ويستعيد شعبنا حريته وكرامته. إن تحقيق دولة الدستور والمؤسسات والنهوض بشعبنا في المجالات كافة لا يتحق إلا بجهود الشعب الليبي الموحدة الرامية إلى إنهاء حكم الاستبداد ورفض كافة المناورات القائمة الرامية إلى استمرار نظام القذافي وأولاده، ثم العمل على إجراء انتخابات حرة نزيهة لاختيار جمعية وطنية تأسيسية تكون مهمتها الأساس وضع وإعداد دستور يطرح على الشعب الليبي لإقراره في استفتاء عام.
إن الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا وهي تحيي مع جماهير شعبنا الليبي ذكريات الاستقلال المجيد، فإنها تجدد العهد مع الله القوي المتين على المضيّ قدماً على طريق الإنقاذ وعلى مواصلة الجهاد والنضال حتى يتمكّن شعبنا من استعادة الاستقلال وإعادة بناء دولة ليبيا على أسس وطنية دستورية ديمقراطية، تصون الحقوق والقيم والمقدسات، وتكفل الحرية والعدل لكافة مواطنيها، وتتوخى التقدم والرخاء والازدهار، وتسهم بكل فاعلية في الجهود الإقليمية والدولية للتعاون المثمر البناء، ولصيانة السلام والأمن العالميين.
عاش نضال شعبنا الليبي من أجل الإنقاذ والاستقلال ..
الجنة والخلود لشهداء ليبيـا الأبرار..
" ولينصرّن الله من ينصره إن الله لقويّ عزيز"
الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا
18 محرم الحرام 1432 هـ
24 ديسمبر/ كانون أول 2010 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق