الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

لجنة حقوق الإنسان توجه إدانة شديدة اللهجة إلى ليبيا على معاملتها القاسية للدكتور أبو سدرة


08 نوفمبر 2010 أصدرت لجنة حقوق الإنسان في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2010 النتائج التي توصلت إليها بعد النظر في الشكوى المقدمة من الكرامة بتاريخ 10 تشرين الأول/ أكتوبر2007 والمتعلقة بالانتهاكات العديدة التي تعرض لها الدكتور محمد حسن أبو سدرة، الذي ألقي عليه القبض في عام 1989، واعتقل على إثر ذلك بصورة تعسفية، وكان سبق وتعرض مرتين لعمليات اختفاء قسري قبل أن يطلق سراحه في 7 حزيران/ يونيو 2009، لكنه يظل إلى يومنا هذا ممنوعا من مغادرة طرابلس.

ولا تزال الشكوى رقم 1751/2008 قائمة حتى بعد الإفراج عن الدكتور أبو سدرة، إذ سجلت اللجنة وقوع انتهاكات عديدة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدقت عليه ليبيا في 1970، كما تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن اللجنة قد راسلت السلطات الليبية، ثلاث مرات دون جدوى، تدعوها إلى تقديم معلومات عن الشكوى ذات الصلة.

وتذكِر اللجنة، في حالة الدكتور أبو سدرة، أن الاعتقال السري بدون إمكانية الاتصال مع العالم الخارجي، خلال فترة غير محددة، والتعرض لأعمال التعذيب، يشكلان انتهاكا للمادة 7 التي تحظر التعذيب، الذي تعرض له أيضا زوجة وأبناء السيد أبو سدرة بسبب ما كابدوه من معاناة، وكذا للمادة 10 التي تضمن احترام الكرامة، التي تشكل جزء لا يتجزأ من مقومات الشخص المحروم من حريته.

كما تسجل اللجنة الانتهاك المتكرر للمادة 9 بسبب عملية القبض دون أمر قضائي، واستحالة استعانة المتهم بمحام في الدفاع عن نفسه، والطعن في شرعية اعتقاله، ومثوله أمام المحكمة للمرة الأولى، خمسة عشرة سنة بعد إلقاء القبض عليه. أما فيما يتعلق بالمادة 14 التي تكفل للمتهم الحق في أن يستمع إلى إفادته أمام محكمة مختصة، تسجل اللجنة، أن العديد من أحكام هذه المادة لم تحترم، وكذلك بالنسبة للمادة 16 المتعلقة بالاعتراف في كل مكان بالصفة القانونية.

وفي هذا الصدد تذكر اللجنة أن "الدولة الطرف ملزمة بكفالة سبل انتصاف فعالة، تتمثل بشكل خاص في إجراء تحقيق كامل وشامل في عملية الاختفاء القسري التي تعرض لها الدكتور أبو سدرة، وإبلاغه بشكل واف عن نتائج تحقيقاتها، وتعويض الضحية بما يتناسب مع وضعه، وكذا تعويض زوجته وطفليه، عن الانتهاكات التي تعرضوا لها.

ومن رأي اللجنة أنه من واجب الدولة الطرف إجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، وخاصة لما يتعلق الأمر بحالات الاختفاء القسري وأعمال التعذيب، بما في ذلك ضرورة الشروع في المتابعة القضائية ضد المسؤولين عن هذه الانتهاكات، ومحاكمتهم ومعاقبتهم إذا اقتضى الأمر".

وللتذكير،
فالدكتور محمد حسن أبو سدرة، طبيب مختص في البيولوجيا، يبلغ حاليا 54 سنة من العمر، القي عليه القبض من قبل مصالح الأمن الداخلي في منزله في مدينة البيضاء في ليلة 19 كانون الثاني/ يناير 1989، رفقه أربعة من أشقائه من دون استظهار أمر قضائي أو تبرير أسباب الداعية إلى الفبض.

وظل الأشخاص الخمسة رهن الاعتقال لمدة ثلاث سنوات في مكان سري، دون أن تعرف أسرهم طيلة تلك الفترة، ما إذا كانوا أمواتا أم علي قد الحياة، نظرا لعدم حصولهم على أية معلومات من السلطات المعنية.

وتطلب الأمر انتظار 3 سنوات لتتوصل الأسرة بمعلومات تفيد بأنهم جميعا على قيد الحياة، معتقلين في سجن أبو سليم في طرابلس دون معرفة أسباب اعتقالهم، مع الإشارة أنهم جميعا تعرضوا للتعذيب أثناء احتجازهم السري.

وبعد ست سنوات من الاحتجاز في ظروف لا إنسانية، أطلق سراح الأشقاء الأربعة من دون تقديمهم للعدالة. في حين ظل الدكتور محمد حسن أيو سدرة في الاحتجاز دون إجراءات قضائية، ومن دون تمكينه من حقه القانوني في الاستفادة من مساعدة محام، أو الطعن في قانونية اعتقاله.

وفي أعقاب المجزرة التي ارتكبتها قوات الأمن الليبية في سجن ابو سليم يومي 28 و 29 حزيران/ يونيو 1996 والتي خلفت مئات الضحايا، ازدادت ظروف اعتقال الدكتور أبو سدرة سوءا، إذ أصبح مقطوعا تماما عن العالم الخارجي لعدة سنوات، من دون زيارات عائلية، أو إمكانية الاتصال بمحام

ولم يمثل الدكتور أبو سدرة للمرة الأولى أمام القضاء، إلا في عام 2004، أي بعد خمس عشرة سنة من إلقاء القبض عليه. وقد أصدرت بحقه محكمة الشعب في طرابلس حكما بعقوبة السجن مدى الحياة، في محاكمة جرت في جلسات سرية، لم تحترم فيها أي من حقوق المتهم. . وخلال هذه المحاكمة، لم توجه إليه أي تهمة يمكن أن يكون لها طابع جنائي، واقتصر استجوابه حول قناعاته السياسية.

وبعد إلغاء محاكم الشعب، أعيدت محاكمة الدكتور أبو سدرة في يوم 02 حزيران/ يونيو 2005 من قبل محكمة مدنية، وحكم عليه هذه المرة بالسجن لمدة 10 سنوات، وهي العقوبة التي كان قد قضاها منذ فترة طويلة، بما أنه احتجز منذ 16 عاما، وبناء عليه، أمر رئيس المحكمة هو أيضا بالإفراج عنه.
وبينما كانت عائلته تنتظر خروجه من السجن، فإذا بها تتوصل بمعلومات، عن طريق عدد من السجناء المفرج عنهم، تفيد بأن الدكتور أبو سدرة، قد تم إخراجه من سجن أبو سالم في 09 حزيران/ يونيو 2005 على أيدي عناصر من الأمن الداخلي، واقتيد نحو جهة مجهولة.

وهكذا، أطلِق أخيرا سراح الدكتور ابو سدرة في 7 حزيران/ يونيو 2009 بعد أن ألقي عليه القبض قبل أكثر من 20 عاما، لكن مع ذلك تبقى الشكوى المقدمة إلى اللجنة قائمة.

وبذلك تدعوا الكرامة ليبيا إلى تنفيذ قرارات لجنة حقوق الإنسان واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق