الثلاثاء، 9 نوفمبر 2010

حرية الصحافة أداة ضرورية لممارسة السلطة فى نطاق القانون

allibyah@yahoo.com
10 نوفمبر 2010



1. تتابع الرابطة الليبية لحقوق الإنسان الصراع الدائرحول الإعلام بين اجنحة نظام الحكم الإستبدادى فى ليبيا والذى تمثل فيه وسائل الإعلام من صحف ومجلات وإذاعات مسموعة ومرئية .. تمثل ادوات حكومية أوشبه حكومية مسخرة كلية لسياسة النظام وتعزيز قبضته على السلطة. وفى ليبيا يوجد إعلام وصحافة ولا وجود للإعلام الحر او لحرية الصحافة. فى ليبيا ليس للصحافة أي دور فى مراقبة تصرف الحكومة فى الشان العام لكن الحكومة هي التى تراقب الصحافة، وهي التى تقرر ما ينشر على صفحاتها. تمثل الصحافة فى ليبيا منبرا لدعم نظام سياسى أحادى لا يرضى بغير صوته صوتا، وهي سلاح سياسي مسخرا لتأييد ونصرة أي شئ يقوم به هذا النظام الذى يعتبر أي نقد له، مهما كان هامشيا، تشهيرا وعداءا إن لم يكن تآمرا مع "الأعداء" كما جرى مع صحافيي ليبيا برس الذين اودعوا السجن بطريقة غير شرعية ومخالفة لابسط قواعد حقوق الإنسان. الصحافة فى ليبيا بجميع انواعها المقروئة والمسموعة والمرئية بما فيها "صحافة شركة الغد" لا تتعدى كونها صحافة مقيدة تابعة مباشرة او بطرق ملتوية للحكومة لاتهدف لنقل المعلومات الى الناس وتمكينهم من الحق فى معرفة الحقيقة بقدر ما تهدف للتعبئة المستمرة ومناصرة توجهات الدولة الإستبدادية بطرق واساليب مختلفة.

2. وتمثل الصحافة الحرة والمستقلة أحدى أهم اركان الديمقراطية ، والتى لايمكن ان تقوم إلا فى مناخ ديموقراطى يحكمه القانون مهما قدمنا من تبريرات وايا كان مصدر التبريرات او هدفها. ويعتبر هامش احترامها المعيار الحقيقى الذى يقاس به مدى ممارسة وتمتع الأفراد بنعمة الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان. وحرية الصحافة جزءا لا يتجزأ من الأنظمة الديمقراطية إذ لا يمكن ان يتصور المرء ان نظاما سياسيا ديموقراطيا يجرأ على منع حرية الصحافة، كما أنه من البديهي انه ليس هناك نظام سياسى استبدادى، كما هو الحال فى ليبيا، يتيح حرية الصحافة. إن حرية الصحافة مرآة تعكس فى أي بلد، استقرار النظام السياسى وشعبيته، وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بمصلحة الوطن التى تؤمن تقدمه ورفعته فى حين ان منعها مرتبط ارتباطا عضويا بالحاكم الإستبدادى ومصلحته فقط، ألا وهي تثبيت نفسه فى السلطة ضد رغبة الناس والمجتمع (وإلا لا حاجة لمنع حرية الصحافة) أي بالقوة والعنف والذى يمثل احتكارالدكتاتور للصحافة جزءًا مهما منهما. إن إطلاق حرية الصحافة تعني أول ما تعني ان الحاكم واثق من نفسه ومن شعبيته، ومن برنامج حكمه وهو يفعل ما يقول. أما منع حرية الصحافة فتعني في المقام الأول ان الحاكم لا يتمتع بأي قدر من الثقة فى النفس، أو احترام الناس له وهو ليس مقتنع بحق ببرامج حكمه، ويقوم بعمل عكس ما يقول وهو يخشى ان يطاح به فى أي وقت، ولو كان ذلك عن طريق نشرمقال فى جريدة يكتبه صحفى حتى من خارج الحدود. إن منع حرية الصحافة هو احد أهم صفات النظام الإستبدادى لأن الحاكم الإستبدادى عادة ما يكون غير مؤهل للقيادة، ولا يتمتع بالصفات والقدرات التى يجب ان تتوفر فى القائد والزعيم (وإلا تقدم لانتخابات حرة وعادلة لانتخابه بكل حرية!) وهو يلجأ الى منع حرية الصحافة بهدف التغطية على هذه النواقص، ومنع الناس من تناولها أو حتى القراءة عنها فى الصحافة الأجنبية الحرة (هذا هو السبب الحقيقى وراء تخريب مواقع الأنترت وحجبها عن المواطن الليبي)

3. وهنا لا بد من ملاحظة ان حرية الصحافة تعني أيضا الشفافية، والرقابة الشعبية على اجهزة الدولة واللتان لا يمكن للحاكم المستبد ان يتحمل تبعاتهما وهو الذى كرس حكمه على قواعد بنيت فى الظلام، بكيفية غير شرعية وغير قانونية، لتأمين استمراره على رأس السلطة الامر الذى بدوره مرهون بقدرته على الإستمرار فى تزويد "محرك الفساد" بالوقود الضرورى، أي برعاية الفساد، لتمكين القائمين على أجهزة "الدولة الفاسدة"، التى أنشاها، من المضي فى الفساد المالى والإداري والإستيلاء على المال العام (الذى يمثل أهم محرك لولاء مسؤولي الدولة الفاسدة) بكل طمأنينة فى غياب الرقيب الشعبى؛ الصحافة الحرة. تؤدي الصحافة الحرة ايضا دورا طليعيا فى المحاسبة وفى تمكين المواطن من ممارسة حقه فى معرفة الحقيقة وهي كلها مبادئ لا تتماشى مع الإستبداد ولا تناسب تسلط المستبد.

4. إن حرية الصحافة التى يطالب بها الناس ليست متعة شخصية ولا ترف لتسلية الناس وإنما هي أدات ضرورية لممارسة السلطة فى نطاق القانون وإقامة العدل بين الناس. إن عدم وجود صحافة حرة فى بلدنا يجب ان يكون شأنا يخص الجميع لما ينطوى عليه من مخاطر وخيمة على حياة الناس ومستقبلهم. ان غياب الصحافة الحرة ومنعها من اداء وظيفتها الإعلامية والرقابية مثلما هو الحال فى ليبيا يعنى بكل تأكيد ما يلى:

- إن فئة مفسدة قد نجحت فى الإستيلاء غير الشرعى على مقدرات الأمة.
- إن تلك الفئة المفسدة تدير الشأن العام بما فى ذلك المال العام بطريقة مخالفة للقانون وبدون رقابة أو محاسبة أو شفافية ( وإلا لماذا تمنع الصحافة الحرة؟).
- إن تلك الفئة الفاسدة نجحت فى تشييد حصانة غير شرعية حولها تحميها من أي مسائلة أو محاسبة وذلك عن طريق انتهاج سياسة عنف منظم وانتهاك الحقوق الأساسية للإنسان الليبى بغية تخويف الناس وإرهابهم.
- إن تلك الفئة الفاسدة نجحت فى إفساد القضاء وإنهاء استقلاله والسيطرة على أدواته من محاكم وتشريعات وتهديم دوره الرقابى.
- ان تلك الفئة الفاسدة نجحت فى القضاء على أي هامش للديموقراطية والشفافية قد يمنح المواطن الحق فى مناقشة الشان العام بحرية.

5. لابد ان يعرف الليبيون ان غياب حرية الصحافة هو الذى شجع على إرساء قواعد الإستبداد وفسح المجال بدوره لانتشار الفساد وتجذيره. ولا بد أن يعى الليبيون ان الفساد يعنى سرقة الزمرة الفاسدة لثرواتهم وطموحاتهم وتطلعاتهم نحو المستقبل الأفضل والتعليم الأفضل والرعاية الصحية الأفضل وقدرة أكبر على الحصول على المسكن اللائق والعمل المناسب وغيرها من ضروريات الحياة. لا بد أن يدرك الليبيون ان الفساد قد وصل، فى غياب حرية الصحافة، الى درجة يصعب هزيمته لأنه لا توجد صحافة حرة لمحاربته بقدر مايوجد من يدافع عنه. لقدتوسعت دوائر الفساد، فى غياب الصحافة الحرة والإعلام النزيه والحريات العامة، الى درجة أن أصبح الفساد ظاهرة اجتماعية سياسية اقتصادية متجذرة فى تركيبة الدولة الليبية وهياكلها ومؤسساتها التى طوعت من طرف الزمرة الفاسدة لتكون أدات لتوسيع دوائر الفساد وانتشار المحسوبية والإنتهازية والقفز على المناصب وتسلل اللصوص والسراق الى مؤسسات الدولة والمناصب السياسية والإدارية فيها. لقد اصبحت الدولة، بسبب كل هذه العوامل، عبارة عن مؤسسة كبيرة مهمتها توظيف وتسخير أموال المجتمع ومدخراته وموارده المالية والبشرية وانجازاته لخدمة المصالح الخاصة لمجموعة المفسدين حماية لنظام حكم الإستبداد.

10 نوفمبر 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق