الخميس، 23 ديسمبر 2010

العفو الدولية تنتقد أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا


العلاقات الليبية الغربية بين حسابات المصالح وقضايا حقوق
الإنسان انتقد تقرير لمنظمة العفو الدولية "أمنستي" تزايد انتهاكات حقوق الإنسان وإساءة معاملة المهاجرين في ليبيا، ويطرح مراقبون تساؤلات حول العلاقة الملتبسة بين طرابلس والعواصم الغربية ومدى التزام الأخيرة بالدفاع عن حقوق الانسان.

كشف تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية اليوم الأربعاء (23 يونيو /حزيران 2010) أن أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا تشهد ترديا ملحوظا. وأضاف التقرير، الذي صدر بعنوان عنوان: "ليبيا الغد: أي أمل لحقوق الإنسان؟"، أن السلطات الليبية ترتكب تجاوزات لحقوق الإنسان وتسيء معاملة المهاجرين غير الشرعيين ممن يتم ترحيلهم إلى أراضيها من إيطاليا، والاعتقالات بحق المعارضين للنظام دون تهم واختفاء بعضهم دون أثر يذكر.

ويقول الدكتور حسني عبيدي،مدير مركز الدراسات حول بلدان البحر الأبيض المتوسط (مقره جينيف) أن تقرير أمنستي كان متوقعاً باعتبار أنه قد تم السماح لخبرائها مؤخراً بزيارة ليبيا وإجراء تحقيقات شاملة في مجال حقوق الإنسان وأوضح: "في السابق سمح (لمنظمة العفو الدولية) بزيارات خاطفة للجماهيرية الليبية، إلا أن الجديد في هذا التقرير هو أنه يشمل العديد من انتهاكات حقوق الإنسان هناك، مثل الاختطاف القسري، ووضع السجون، وقضية الحريات العامة".

ويطرح مراقبون تساؤلات حول مدى التزام العواصم الغربية بالدفاع عن حقوق الإنسان في ليبيا، بينما تشهد العلاقات بين طرابلس وتلك العواصم تناميا ملحوظا في ميادين اقتصادية كالطاقة والتعاون الأمني لمكافحة الإرهاب.

حقيقة أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا

Bildunterschrift: خصص تقرير أمنستي فصلاً كاملاً عن جهاز المخابرات الليبي وانتهاكاته لحقوق المعارضين السياسيين والمشتبه بتورطهم بصلات مع منظمات إرهابية
وقال تقرير منظمة العفو الدولية إن السلطات الليبية قد "أخفقت في التقيد بالتزاماتها الدولية" المتعلقة بحقوق الإنسان، وخصوصاً أن ليبيا عضو في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وركز التقرير على إساءة معاملة المهاجرين من دول جنوب الصحراء، والذين يتم ترحيلهم من إيطاليا بموجب اتفاقية مع الحكومة الليبية، إضافة إلى حادثة سجن أبو سليم في العام 1996، والتي راح ضحيتها حوالي 1200 سجين بعد قمع إدارة السجن هناك لإعتصامات نظمها السجناء احتجاجاً على سوء معاملتهم.

وخصص تقرير أمنستي فصلاً لجهاز الأمن الداخلي الليبي (المخابرات)، مشيراً إلى أنه يعمل خارج إطار القانون، وخصوصاً فيما يتعلق بالاعتقالات التعسفية في حق من يشتبه بتورطهم مع مجموعات إرهابية. ويضيف التقرير أن هذا الجهاز الأمني مخول باحتجاز من يشتبه في ضلوعهم بمثل هذه النشاطات إلى أجل غير مسمى، عدا عن تعرضهم للتعذيب وحرمانهم من رؤية محام. وبحسب تقدير منظمة العفو الدولية يقبع مئات من المعتقلين في السجون الليبية، بعضهم ممن قضى محكومياتهم أو ممن تمت تبرئتهم من قبل المحاكم.



ملفات خلافية مع طرابلس

وحول دور المنظمات الأوروبية المدافعة عن حقوق الإنسان في لفت أنظار صناع القرار الأوروبي الى أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا، قال الدكتور عبيدي المتخصص في الشؤون الليبية، أن عدداً من منظمات حقوق الإنسان من بينها أمنستي قد طالبت مفوضية الاتحاد الأوروبي بتطبيق المعايير المتعلقة بحقوق الإنسان على ليبيا أثناء مفاوضاتها معها، ضمن ما يعرف بالجولة السابعة لمفاوضات الشراكة بين الجانبين.

وقال عبيدي "تطالب هذه المنظمات باعتماد نفس الشروط التي طبقت خلال المفاوضات مع سوريا ومصر، وخصوصاً في مجال حقوق الإنسان، قبل إعطاء ليبيا وضع الشريك للإتحاد الأوروبي. لذلك فإن تقرير أمنستي يتزامن مع مفاوضات الشراكة من أجل توضيح أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا للاتحاد الأوروبي".

وتعتبر ليبيا الدولة الوحيدة التي لم تدخل إطار اتفاقيات الشراكة الأورومتوسطية حتى الآن، لكنها وقعت بداية الشهر الحالي اتفاق تعاون أولي يفتح الباب لإحراز تقدم في المفاوضات على اتفاق شراكة، ويشكل ملف حقوق الإنسان وأوضاع المهاجرين غير الشرعيين من بين القضايا المثيرة للخلاف في المفاوضات الأوروبية الليبية.

وتعول عدد من دول الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً إيطاليا، على الاتفاق المبرم مع ليبيا لترحيل اللاجئين الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء إليها، إلا أن أوضاع هؤلاء المهاجرين تعتبر، بحسب تقارير مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، مأساوية، والتي تشير إلى معاناتهم من الاضطهاد المستمر وانتهاك حقوقهم الأساسية من قبل السلطات الليبية، عدا عن خطر الحبس لأجل غير مسمى في مراكز الاحتجاز المكتظة. وكانت مفوضية اللاجئين قد أعلنت مطلع الشهر الحالي عن تلقيها أوامر من الحكومة الليبية بإغلاق مكاتبها هناك دون إعطاء أسباب، إلا أن طرابلس أشارت إلى أنها لم توقع على اتفاقية اللاجئين عام 1951 أو على أي اتفاق تعاون مع مفوضية اللاجئين.



تغليب المصالح الإقتصادية على حقوق الانسان

Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: أوضاع المهاجرين غير الشرعيين تتأرجح في مهب تقلبات العلاقات الليبية الأوروبية
وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت العواصم الأوروبية والأميركية تتغاضى عن قضايا حقوق الإنسان في ليبيا مقابل حصولها على صفقات إقتصادية قال الخبير حسني عبيدي إن هناك "رغبة ملحة من قبل دول ما يسمى بجنوب الاتحاد الأوروبي، مثل إسبانيا وفرنسا، وخصوصاً إيطاليا التي تعمل بقوة من أجل توقيع الاتفاقيات مع الجماهيرية الليبية ... هذه الدول تشكل قاطرة الاتحاد الأوروبي في علاقاته مع الجنوب وتقول بأنه لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا يجب احتضانها ضمن الشراكة الأوروبية المتوسطية".

وتعتبر ليبيا تعتبر من الدول الغنية بالبترول والغاز الطبيعي، ومن شأن إقامة علاقات جيدة معها أن يستفيد الاتحاد الأوروبي اقتصادياً أيضاً، كما يقول عبيدي، لكنه لا يتوقع أن يقوم الاتحاد الأوروبي بالضغط على ليبيا ضمن مفاوضات الشراكة، لأن المستفيد الوحيد من هذه الشراكة هو الاتحاد الأوروبي نفسه، وخصوصاً في ظل تحسن علاقات ليبيا مع الولايات المتحدة وبريطانيا.

وقال حسني عبيدي بأن الهدف من صدور مثل تقاريرمنظمة العفو الدولية تسليط الأضواء على أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا ودفع الليبيين للتفكيربأن مصلحتهم تكمن في تحسين أوضاع حقوق الإنسان في بلادهم وتحسين صورة البلد في المجتمع الدولي.

ويذكر إن المجتمع الدولي رفع منذ الحظر الذي كان مفروضا على ليبيا بسبب ملف لوكربي، وتحاول طرابلس منذ عام 2003 أن تقطع مع ماضيها العدائي مع الغرب، وسعت طرابلس منذ عام 2006 الى تطبيع علاقاتها مع واشنطن التي كانت تصنفها ضمن الدول الراعية للإرهاب، وتتفاوض ليبيا منذ أشهر على اتفاقية شراكة مع الإتحاد الأوروبي.



الكاتب: ياسر أبو معيلق

مراجعة: منصف السليمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق